في عالمنا المعاصر تطورت وسائل الاتصال، ونقل الأفكار والمعلومات، بشكل لم يسبق له مثيل، فهي تنتقل بسرعة الضوء والصوت، وتغزو العالم في ثوان معدودة.
وهناك أعداد ضخمة من المؤسسات والأجهزة والأدوات الخاصة بالتثقيف الجماهيري وتكوين الرأي العام، وتصميم الشخصية.
وغدت وسائل الإعلام والمعلومات، كالتلفزيون وشبكات الانترنت والكومبيوتر والصحافة والراديو والكتاب والمجلة... هي القوة المهيمنة على التفكير والفعالة في تكوين نمط السلوك.
فالإعلام يساهم في تكوين الفكر السياسي والدعاية للشخصيات والأفكار، كما يساهم مساهمة فعالة، لا سيما الإعلام المصور، كالتلفزيون والسينما والفيديو والمجلة بالإغراء الجنسي، والتعريف بالأزياء والسلوك والأفكار والإثارة، وتوجيه الرأي العام.
والشباب- لا سيما في مرحلة المراهقة- مهيؤون أكثر من غيرهم، لتقمص الشخصيات، والتأثير بالشخصيات التي تظهر على شاشة التلفزيون، أو السينما، من الممثلين وعارضي الأزياء، ورجال العصابات، وشخصيات العنف... الخ.
كما يتأثر الشباب بالشخصيات التي تمثل دور البطولة السياسية والاجتماعية والثورية وعظماء التاريخ، ذلك لأن المراهق- من الإناث والذكور- في هذه المرحلة هو في طور تكوين الشخصية، وانتقاء المثال الذي يتأثر به.
وحيث إن الغرائز والمشاعر، لا سيما غريزة الجنس، هي في قمة القوة والعنفوان، والضغط على المراهق، وتبحث عن طريق للتعبير والتفريغ، فإن وسائل الإعلام ساهمت مساهمة كبيرة في إثارة الغريزة الجنسية عن طريق الأفلام والصور الخلاعية والماجنة والمغرية وعن طريق القصص الغرامية والأدب والثقافة.
كما ساهمت أفلام العصابات والإجرام في حرف الكثير من المراهقين وتدريبهم على اقتراف الجريمة، لذا فإن الرقابة في بعض دول العالم تمنع العديد من عرض الأفلام الجنسية، وأفلام العصابات، كما تمنع أحيانا حضور المراهقين إلى قاعات عرض تلك الأفلام.
وتفرض بعض دول العالم الرقابة على أفلام الفيديو الخليعة والمثيرة، أو التي تدرب على تناول المخدرات والجريمة.
سجل الدكتور اسكندر الديلة نتيجة إحصائية قام بها في لبنان، تخص مشاهدة الفيديو، جاء فيها: (أن مشاهدة الأفلام الاجتماعية والعاطفية حازت على الدرجة الأولى، وحلت الأفلام البوليسية في المرتبة الثانية...
وجاء في تقرير آخر: لقد تبين من دراسة أجريت في الولايات المتحدة على 110 من نزلاء مؤسسة عقابية أن 49% من هذه المجموعة أعطتهم السينما الرغبة في حمل السلاح و12- 21% منهم أعطتهم السينما الرغبة في السرقة ومقاتلة الشرطة.
ومن خلال دراسة أجريت على 252 فتاة منحرفة بين سن 14- 18 سنة تبين أن 25% منهن مارسن العلاقات الجنسية نتيجة مشاهدتهن مشاهد جنسية مثيرة في السينما. و41% منهن قادتهن المشاهد إلى الحفلات الصاخبة، والمسارح الليلية. و54% منهن هربن من المدرسة لمشاهدة الأفلام. و17% تركن المنزل لخلاف مع الأهل حول ذهابهن إلى السينما.
وجاء في تقرير الهيئة الصحية العالمية عن انحراف الأحداث، وعلى لسان أحد القضاة الفرنسيين العاملين في ميدان الأحداث ما يأتي: "لا يخالجني أي تردد لبعض الأفلام، وخاصة الأفلام البوليسية المثيرة معظم الأثر الضار على غالبية حالات الانحراف لدى الأحداث".
وفي انجلترا تمكنت بعض الدراسات من خلال استجواب 1344 شخصية اختصاصية حول العلاقة بين السينما وانحراف الأولاد دون السادسة عشرة فأجاب ستمائة منهم بوجود علاقة بين انحراف الأحداث والسينما.
كما أظهرت بعض الدراسات في الغرب على أن بعض السرقات الكبيرة كان الدافع إليها تردد الأحداث بشكل متكرر إلى قاعات السينما.
وهكذا يتضح أن مشاهدة الأفلام العاطفية، ومنها الجنسية تأتي عند شباب العالم في المرتبة الأولى، وأن مشاهدة الأفلام البوليسية يأتي في المرتبة الثانية، وكما أكدت الدراسات العلمية، فإن المراهق في هذه المرحلة يسعى من خلال المحيط لتكوين شخصيته، وهو سريع التأثر والتقبل؛ لوجود العواطف والغرائز والشحنات النفسية والجسدية المتوثبة، والباحثة عن التعبير والتفريغ.
ومن هذه الإحصائية ندرك أهمية العمل الإعلامي في تكوين السلوك العاطفي والغريزي، والإقدام على تقمص شخصيات أبطال الأفلام والمغامرات.
تعليق:
وبعد هذه الإحصائيات على شباب العالم يتبين أهمية الإعلام وأثره مما يجعل الأمر ذا بال عند المسؤولين في بلادنا للانتباه لما يقدم لشبابنا؛ وأهمية ذلك في توجيه فكر أبنائنا وثقافتهم وبالتالي التأثير في مستقبل الأمة ككل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب: د.جعفر شيخ إدريس
المصدر: موقع الشبكة الإسلامية